الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

عمواس.. مكان مقدس عند المسلمين واليهود والنصارى



عمواس.. مكان مقدس عند المسلمين واليهود والنصارى
                                                إعداد: الأستاذ مصطفى نمر دعمس



« عمواس » قديمة كانت في العهد الروماني مركز لمقاطعة تضم قرى (سلبيت - Slebi) و(أبو شوشةGazara )  و(يالو Alus) وغيرها وعرفت في ذلك العهد باسم «"نيقوبوليس Nicopolis» بمعنى مدينة النصر،  نسبة إلى انتصار (فاسبسبانوس  Vespasian) على اليهود .

وفي عهد الفتوح فتح عمرو بن العاص « عمواس » بعد استيلائه على اللد و (يبنى - يبنا ) في خلافة ابي بكر رضي الله عنه  ومن عمواس مقر جند العرب المسلمين في فلسطين ، كان ابتداء الطاعون الذي انتشر في عام 18هـ في بلاد الشام في خلافة عمر بن الخطاب فنسب اليها . مات فيه خلق كثير لا يحصى من الصحابة ومنهم جماعة لا تعرف قبورهم وقيل أنه مات فيه خمسة وعشرون الفاً من المسلمين وفي هذه السنة أيضا كان عام الرمادة في المدينة المنورة حيث أصابت الناس مجاعة شديدة وجدوب و قحوط .
مقام الصحابي الجليل معاذ بن جبل

ولما استخلف "عبد الملك بن مروان " طلب من "خالد بن يزيد بن معاوية " شراء " قصر الخضراء " وهي دار الملك في دمشق ، فابتاعها منه بأربعين الف دينار وأربع ضياع من مختلف الأجناد "المحافظات" السورية يختارهن . فاختار خالد "عمواس" من جند فلسطين .
 

ذكر المقدسي عمواس بقوله :- ( ذكروا أنها كانت القصبة في القديم . وإنما تقدموا الى السهل و البحر من أجل الآبار لأن هذه على حد الجبل ) .
منظر عام يطل على قرية عمواس
وقد أظهرت الحفريات في عمواس ( حي دار الشيخ ) مكاناً لمسجد قديم،عثر فيه على أعمدة رخامية منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب،وقد أقام عائلة دار الشيخ[1] مسجداً على أنقاض هذا المسجد أطلقوا عليه ( مسجد عمر بن الخطاب[2])،تكريماً للخليفة عمر بن الخطاب عندما زار القدس وعمواس، وقام الفاروق بنفسه بتقسيم المواريث بين أهلها بعد زوال مرض الطاعون عنها.ولهذا كانت عمواس وما زالت لها قدسيتها عند المسلمين وأهلها الذين رحلوا عنها قسراً بقوة السلاح على يد الجيش الإسرائيلي عام 1967م.
 

في أسفار اليهود يصف سفر يشوع بن نون" كيف توقّفت الشمس وثَبُت القمر على وادي أيلُونَ القريب من عمواس بينما كان الاسرائيليون يحاربون أعداءهم. وقد انتصر يهوذا المكابي في السنة 165 قبل المسيح، في هذا المكان، على الجيش اليوناني بقيادة نيكانور. وبفضل هذا النصر الهام افتُنُتِح الطريق المؤدي إلى أورشليم، مما سمح لليهود بالعودة إلى الهيكل لتطهيره من الأصنام الوثنية. ويعاد إحياء ذكرى هذا الحدث كل سنة خلال عيد الأنوار اليهودي. وسنة 30 بعد المسيح، دَمّر الرومان مدينة عمواس وأصبحت قرية صغيرة حيث التقى يسوع بتلميذَيه، أو بالأحرى حيث انفتحت أعينهم وعرفوه عند كسر الخبز. وسر الافخارستيا هو أيضاً كشمسٌ تنير البشرية بنور المسيح. وقد أعاد الرومانيون بناء هذه المدينة في القرن الثالث حيث عاشت وازدهرت جماعة مسيحية كبيرة."[3]

مكان حج وصلاة

في العهد البيزنطي، كانت بلدة عمواس – نيكوبولوس مركز لأسقفية ذات أهمية كبيرة. وقد بنيت بازيليكتَين في القرن الرابع والخامس في المكان الذي يُعتقَد أن المسيح كسر الخبز فيه مع تلميذَيه. وأعاد الصليبيون بناءهما بعد أن دُمِّرتا في القرن السابع. وعاد المسيحيون إلى هذا المكان حوالي سنة 1878 من جديد للحج والصلاة.  
لوحة تصور المسيح مع تلاميذه في عمواس
 

   وابتدأت الأبحاث الأثرية عام 1880 ولم تتوقف حتى اليوم. وأعظم ما قام به علماء الآثار والعاملون هو اكتشاف ما تبقّى من البازيليكتين البيزنطيَّتَين، وعدّة فسيفساء خلاّقة وجرن معمودية وكنيسة صليبيةً. ومنذ سنة 1930 بنى آباء "بيت آرام" مبنى في أعلى التل يستطيع الزائر زيارته بالإضافة إلى زيارة متحف الفسيفساء وكنيسة جماعة التطويبات التي تسكن هذا الدير منذ سنة 1993.



وفي القرن الثاني عشر للميلاد ، أعاد الفرنج بناء الكنيسة التي كان البيزنطيون أقاموها في عمواس .
                                 مؤمنون وحجاج يسرعون لزيارة بازيليكا قرية عمواس

الزائر إلى عمواس اليوم يرى عمليات الترميم الهائلة التي أقامها اليهود بهدف استصلاح ما سمي بمتنزه كندا ،ووضعوا لافتة مكتوب عليها  ( عمواس نيكوبوليس مكان مسيحي مقدس )،وقد وضعوا الآثار القديمة المتبقية لقنوات المياه بإنها آثار تعود إلى الفترة الرومانية والبيزنطية محاولة تغييب استعمال هذه القنوات في الفترة الإسلامية حتى يومنا هذا.
 

وفي المقابل نحن العرب والمسلمون ندرك جميع مخططات اليهود ،ومهما طال الزمان أو بعد فان هناك أجيال ستدافع عن حقوقها ،وتحاوا ارجاع ما نهب وسلب من أراضي وحقوق،كما نرد ان تاريخ فلسطين حافل بكل العصور،وان ظهور حضارات سبقت المسلمين على أرض فلسطين يؤكد بان هذه الأرض تعاقب عليها موجات بشرية ـ أطلق عليها البعض الموجات السامية ـ انتشرت ثم استقرت في هذه المناطق، ومنهم الأكديون والآشوريون والعمونيون والمؤابيون والأموريون.

وفي حدود عام 2500 ق م نزحت من جزيرة العرب أيضا، قبائل عربية أخرى، لكنها استقرت في فلسطين وعرفوا ب (الكنعانيين) وقد ظلت لهم السيادة حوالي 1500 سنة، وكانوا أصحاب حضارة، انتقلت حضارتهم حتى وصلت إلى شواطئ المحيط الأطلسي وأوروبا. وقد أخذت فلسطين اسم أرض كنعان نسبة لهم.

وحتى لا ننسى قرية عمواس هدمها اليهود عام 1967 وشردوا أهل القرية كافة بقوة السلاح ...وهذا يضاف الى جرائم الصهاينة الكثيرة ، وهي المجازر التي تم ارتكابها في بلدات وقرى فلسطين من قِبل العدو الصهيوني الغاشم، سواء كان ذلك على يد جيشه المزعوم، أو حتى عصاباته المسلحة الموجودة على أرض فلسطين المحتلة، فمنذ العام 1947م حتى يومنا الحاضر عانى شعبنا الفلسطيني الكثير من المذابح والمجازر المختلفة، ابتداءً من مذبحة قريتي بلد الشيخ في نهاية عام 1947م، مرورًا بمذابح قرى سعسع، كفر حسينية، دير ياسين، بيت داراس، والعديد من المجازر، ووصولاً بمجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1996م وانتهاءً بالحرب والعدوان على غزة عام 2014 م.
 
 



[1] : عائلة صوفية يعود نسبهم للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.


[2] : كان فضيلة الشيخ مصطفى ابراهيم العنباوي اماماً وخطيباً لمسجد عمر بن الخطاب في عهد الانتداب البريطاني،وكان صاحب طريقة لأنه ينتمي من عائلة صوفية كما ذكرنا سابقاً،كما كان شيخ القرية ورعاً تقياً.توفي ودفن في عمواس بتاريخ 12/1/1277هـ .


[3] : هنا يجب أن ننتبه عند الحديث عن تاريخ عمواس القديم ،المؤرخون الغربيون اعتمدوا على رواية الأسفار أيضاً كنقل دون تمحيص أو وجود أدلة علمية، وإنما كرؤية تدور في فلك الاستعمار!  

والذي جعل الكتبة العرب ينزلقون والتسليم بصحة ما قاله المؤرخون العرب القدماء، على أنه حقائق علمية، ناسين أن المؤرخين القدماء ما كانوا إلا نقلة للمعلومات من اليهود ودونما تمحيص أو تدقيق، حتى ابن خلدون نفسه وقع في خطأ النقل رغم دعوته في مقدمته إلى التحقيق والتمحيص والمقارنة...!

ونلاحظ من النص وفي جميع الأسفار  ذكر أورشليم بدلاً من القدس بهدف تهويد المدينة،والمدقق في النص يلاحظ تهويد وتنصير بلدة عمواس.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق