الاثنين، 4 أغسطس 2014

عمواس مركز وقلب فلسطين

___________________ عمواس مركز وقلب فلسطين _____|
                                        اعداد : الأستاذ مصطفى دعمس
 
                    عمواس مركز وقلب فلسطين
تقع قرية عمواس[1] في فلسطين على بعد 25 كم شمال غرب مدينة القدس، وعلى الجنوب الشرقي من يافا وعلى مسيرة نحو 28 كم عنها. وهي ذات موقع استراتيجي هام يشرف على طريق القدس ـ الرملة ـ يافا، وطريق رام الله ـ غزة. حيث تشكل الحد الفاصل بين جبال القدس وامتداد الساحل.
ونظراً لموقع عمواس في قلب فلسطين ،فهي تعد حلقة وصل بين أهم المدن الفلسطينية كما يوضح الشكل،وشكلت عمواس مركزاً للخطوط الدولية المحيطة بها[2] وهي:
1- خط القدس – عمواس – الرملة – اللد
2- خط القدس – عمواس – الرملة – يافا
3- خط القدس – عمواس – عسقلان - غزة
4- الخط الدولي السريع : خط القدس – عمواس – تل ابيب(يافا الجديد)
5- خط رام الله – عمواس – عسقلان - غزة
6- خط رام الله – عمواس – الرملة – يافا
حدود قرية عمواس
يحد قرية عمواس شمالا قريتا يالو وسلبيت، وخربة دير نحلة، وجنوبا قريتا بيت سوسين وبيت جيز، وشرقا قريتا يالو ودير أيوب، وغربا قرى القباب وأبو شوشة ودير محيسن.
لاحظ موقع عمواس والقرى المجاورة لها
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
عمواس ذات موقع استراتيجي مهم:
موقع قرى اللطرون عموما مهم جدا بالنسبة للقدس، وتأتي أهميته لأهمية القدس بالنسبة لفلسطين، فهذه المنطقة هي الباب الغربي للقدس ؛ وبسبب موقعها الاستراتيجي هذا لعبت دورا كبيرا في الحروب على مدار التاريخ، وكان آخرها حرب عام 1948.
وكان من اهم الحصون المنيعة والمراكز المحصنة في عمواس:
- قلعة اللطرون: أحد المواقع العسكرية المهمة في معركة اللطرون.
أُنقر الصورة لتكبيرها
- مركز أمن اللطرون: في احدى معارك التاريخ الخالدة ،سجلت صفحات مشرفة في معركة مركز شرطة اللطرون 1948 معبرةً عن كينونة الفكر النضالي الأردني للجيش العربي الباسل .ويقول قائد العدو العقيد مردخاي جور في وصف المعركة:
" اعتقد أن هذه المعركة من أروع قصص القتال في الخنادق المحصنة".
- تلة اللطرون : استخدمت هذه التلة في معركة مركز شرطة اللطرون 1948 الخالدة ،ونظرا لأهمية هذه التلة وضع الجيش العربي مدفعين على تلة اللطرون،أحدهما باتجاه القباب،والآخر باتجاه وادي الصرار.[3]
وكان للمدفع الذي على سطح مركز الشرطة ميدان رمي فسيح،مسيطر على جميع طرق الاقتراب،وكان اعداده يشاهدون هذه القوة الضخمة ويصفقون مرحاً قبل أن يطلقوا طلقة واحدة،ورمى العدو اكثر من 300 قنبلة على المركز حتى تغير لون المركز وأصبح منظره كمنظر الغربال حتى أصبح العدو في موقع مناسب للجيش العربي، وهنا دفعة واحدة فتحت قوات الجيش العربي ناراً شديدة من المدفعية على حشود العدو،ودمرت دبابات العدو جميعها،، وتكبيده عشرات القتلى والجرحى ، والاستيلاء على عدد من دروعه التي تركها في ساحة المعركة.
وأصيب اعداد المدفع الشجاع واحداً بعد الآخر واستشهدو جميعاً بعد ان كانوا سبباً رئيسياً في تدمير هجوم العدو الاسرائيلي.وسوف نوضح بالتفاصيل هذه المعركة في صفحات مخصصة من هذا الكتاب ،وذلك لأهمية هذه المعركة التي تعد من المعارك المهمة في التاريخ العربي.
- قلاع عمواس: اسخدمت قلاع عمواس على مدار التاريخ قبل وبعد الأسلام،وما زالت بعض الآثار الرومانية في القرية، ففي عمواس بنى الرومان مدينة كبيرة سموها نيكوبولوس "مدينة النصر" وتمركزت فيها جيوش الفتح الاسلامي، وبنى الصليبيون فيها قلعة محصنة، وأثناء الفتوحات الإسلامية في فلسطين، كانت قلاع عمواس حصناً منيعاً  ومركزا مهما للجيوش الإسلامية ،وفي حرب 1948 كانت عمواس مركز حماية على طريق القدس.
EmmausFortress12s.jpg
صورة احد القلاع فقد كانت عمواس مركز حماية على طريق القدس
 
- مجموعة الخرب الخمسة،وهي:
1- خربة أم حارتين: ترتفع 175م عن سطح البحر،تحتوي على جدران قديمة متهدمة،وحجارة مزمولة،وبقايا معصرة الزيتون.
'Imwas - عِمواس : حجر دولابي كان يستخدم لعصر الزيتون
حجر دولابي كان يستخدم لعصر الزيتون
2- خربة الشيخ الجديري او الجدراوي: ترتفع 217م عن سطح البحر، وهي عبارة عن انقاض برج ومغارة قديمة ،بالاضافة إلى مدفن منقور في الصخر،وتحتوي على أنقاض وجدران متهدمة.
3- خربة العقد : ترتفع 350م عن سطح البحر،وتقع هذه الخربة بين عمواس وقرية يالو،وتحتوي على مغر وبقايا معاصر الزيتون.
4- خربة الصفرة او الصفار: ترتفع 314م عن سطح البحر،وتقع هذه الخربة غرب القرية،وتحتوي على جدران وقواعد مهمة وأعمدة مهدمة تعود للعهد الروماني.وتحتوي أيضا بعض القبور القديمة التي تعود للعهد الروماني.
'Imwas - عِمواس : منظر لداخل احد القبور القديمة التي تعود للعهد الروماني
منظر لداخل احد القبور القديمة التي تعود للعهد الروماني
5- خربة دير ذاكر: تقع هذه الخربة بجوار القرية،وتحتوي على بقايا لابنية قديمة مهدمة.وتحتوي أيضا بعض المغائر القديمة والآبار.
 
أهمية مواقع قرى اللطرون
ولما كانت القدس وما تمثله محور الصراع فقد كان مفتاح القدس (في باب الواد واللطرون والجبال المشرفة عليها). تنبع اهمية المواقع التي تتمد من القدس باتجاه الغرب الى الساحل كونها (منطقة جبلية وعرة تمر من منتصفها الطريق الوحيد التي تربط بين (القدس والسهل الساحلي). «أي قوة عسكرية تتخذ من الساحل قاعدة لها – لا بد لها اذا ما ارادت الاستيلاء على القدس ان تمر من طريق باب الواد».
http://www.altawhid.org/wp-content/uploads/2011/10/hhhhhh67-9.jpg
ففي معركة اللطرون[4] الملك عبد الله الأول المؤسس للمملكة الأردنية الهاشمية يبرق الى قائد الجيش يثني على الجهود التي بذلها شهداء وأبطال المعركة، وتلقى قائد الكتيبة البرقية التالية : " صاحب الجلالة يشكركم على انتصاراتكم الباهرة التي تحرزونها من وقت لأخر ويرغب جلالة الملك أن تبقى المدرعات التي غنمتموها في معركة اللطرون صباح اليوم لمشاهدتها " .
وفيما بعد وصل جلالة الملك عبدالله المؤسس في الأول من حزيران الى موقع اللطرون يرافقه ثلاث مدرعات بقيادة الملازم صالح الشرع واستمع إلى شرح تفاصيل المعركة ثم التفت إلى قائد الكتيبة الرابعة وهو حابس ألمجالي قائلاً : انك وجنودك تدافعون عن ارض سبقكم للدفاع عنها قادة عظام من أمثال عمرو بن العاص وصلاح الدين ومن اسماك حابساً ما اخطأ لأنك حبست العدو وحلت دون تقدمه ، ان كتيبتك الرابعة هي الكتيبة الرابحة بأذن الله.
سقط على تراب فلسطين وثرى القرية ما يقارب 50 شهيداً  من أبناء القرية منذ عام 1948م ( وسيتم عرض أسماء جميع الشهداء في جدول في الصفحات اللاحقة). ومن بين هؤلاء الشهداء الشهيد سعيد عبد الله ابو غوش[5]  والشهيد احمد حسين زهرة[6] ،والشهيد اسماعيل فايز ابو غوش[7] ،وما زالت قوافل الشهداء من أبناء القرية تستمر حتى وقتنا هذا ،ومن بين شهداء الإنتفاضة الشهيد ياسر ابو غوش والشهيد محمود خليل حسن ابو خليل[8].
 


موقع قرى اللطرون يطل  على  باب الواد وهو ممر يربط السهل الساحلي بجبال القدس ، وتتشعب منه طرق القدس و الرمله و رام الله وبيت جبرين وغزة . ويشتمل الموقع على وادي علي و مداخله، و الهضاب المطلة عليه، و القرى القريبة منه كعمواس وتل الجزر و اللطون وأبو شوشة ويالو وبيت نوبا.
ولباب الواد أهمية عسكرية عظيمة، فهو مفتاح مدينة القدس، دارت فوق أرضه معارك كبرى على مر القرون، فعنده صد صلاح الدين الأيوبي غارات ريكاردوس قلب الأسد أواخر القرن الثاني عشر الميلادي، وفي موقعه وقف أبناء جبل القدس ونابلس في وجه جيش إبراهيم باشا سنة 1834 ،وأخيراً معركة باب الواد[9] التي شارك بها الشهيد عبد القادر الحسيني[10] عام 1948 .

 
ويعزز من موقع قرى اللطرون وقوعها على الحوض الغربي للمياه الجوفية في فلسطين، فهذا الحوض من أغنى أحواض فلسطين المائية. [11]
ترتفع عمواس 200 م عن سطح البحر و مساحتها 148 دونماً .
 
 
 
 
تدمير قرى منطقة اللطرون:
أظهرت دراسة صادرة عن دائرة العلاقات القومية والدولية في منظمة التحرير الفلسطينية، أن قوات الاحتلال الإسرائيلية هدمت ودمرت نحو 23100 منزل فلسطيني في الأراضي المحتلة منذ العام 1967 ( الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس)، في إطار سياسة التهجير الصامت والتطهير العرقي الذي تمارسه بحق الشعب الفلسطيني .
وقام الاحتلال الإسرائيلي بتهجير المواطنين العرب والاستيلاء على أراضيهم ومنازلهم وزرعها بالمستعمرات اليهودية. وأجبرت عدداً كبيراً من الفلسطينيين على النزوح إلى الأردن بعد الحرب العدوانية عام 1967. وسخرت لتحقيق ذلك المجازر الجماعية والإرهاب والعنصرية وهدم المنازل والقرى والأحياء في المدن الفلسطينية المحتلة كما حدث في منطقة اللطرون حيث هدمت القرى الثلاث عمواس ويالو وبيت نوبا.
وحسب الدراسة، فقد أقدم الاحتلال على تدمير 3200 منزل في قرى عمواس وبيت نوبا ويالو ( المعروفة بقرى اللطرون) وذلك عقب وقف إطلاق النار عام 1967، يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمرت قرى: اللطرون، وعمواس، ويالو، وبيت نوبا، يوم السادس من حزيران عام 1967،وأزالتها من الوجود، بعد أن طردت أهلها منها..  وأقيم ما يطلق عليه 'متنزه كندا' على أراضي قرية عمواس المدمرة.[12]



[1] : بفتح العين وكسرها وسكون الميم ، بعده واو وألف وسين . وضبطه بعضهم بكسر أوله وسكون ثانيه وآخرون بفتح أوله و ثانيه و ثالثه . وسنوضح سبب تسمية كلمة « عمواس » في صفحات قادمة.
[2] : يخشى حالياً من خلال المخططات الصهيونية لتهويد المواقع في فلسطين، انشاء خط سكة القطار السريع الذي سيمر من عمواس،وهذا العمل سيؤدي من تغيير ملامح مهمة وآثار قديمة تمتد لآلاف السنين في القرية كما سبق وان أقاموا متنزها أسموه ( كندا – ثم أيلون ).
[3] : معن ابو نوار: في سبيل القدس – مطبعة القوات المسلحة الأردنية،ص45.
[4] : معركة اللطرون :اللطرون معركة بين الجيش الأردني والقوات الإسرائيلية استمرت من 15 مايو حتى 23 مايو 1948، وهي إحدى معارك القدس في الحرب العربية الإسرائيلية (حرب 1948) تبعت هذه المعركة معركة اخرى هي باب الواد والتي من خلالها تم تحرير القدس. تعتبر معركتي اللطرون وباب الواد من قلائل المعارك العربية التي تكللن بالنجاح فلقد استطاع 1200 جندي اردني من الدفاع عن القدس بمقابل 6500 اسرائيلي .كانت خسائر الفوات الأسرائيليه كبيره في هذه المعركة وقاد القوات الأردنية المشير حابس المجالي. وقاد الجيش الأسرائيلي أرئيل شارون الذي اصبح في ما بعد رئيسا للوزراء(2001-2006). وقد جرح أرئيل شارون في المعركة وقع أسيرا بيد الجيش العربي الأردني وقد أسره يومها النقيب حابس المجالي –المشير فيما بعد- الذي عالجه ونقله إلى الخطوط الخلفية، ثم إلى المفرق في الأردن حيث أقيم معسكر اعتقال الأسرى اليهود، وتم تبديله بأسير عربي عندما جرى تبادل الأسرى بعد الهدنة الثانية .في عام 1985 قال النائب الأسرائيلي عوزي لاندو في الكنيست ان عدد القتلى الأسرائيلين في اللطرون تجاوز ال 2000 قتيل,وبعد انتقادات شديدة فام بتقليل تقديراته إلى ال 1000
[5] : استشهد في معركة ضد الانجليز عام 1936، ويعد أول شهداء القرية.
[6] : استشهد على يد الانجليز عام 1936
[7] : استشهد على تراب فلسطين في حرب 48 في منطقة (ابو كبير) بتاريخ 7/2/1948م.
[8] : من شهداء انتفاضة الأقصى عام 2000م ، واستشهد في بتونيا.
[9] : باب الواد معركة بين الجيش الأردني وقوات الاحتلال الإسرائيلية عام 1948، وهي إحدى معارك القدس في (حرب 1948) حدثت بعد اقل من اسبوع من معركة اللطرون.استطاع من خلالها الجيش الأردني تحرير القدس من قوات الاحنلال الأسرائيلية و كانت خسائر قوات الاحتلال الإسرائيلية هائلة في هذه المعركة فقد قتل المئات وجرح أكثر من ألف ولم يخسر الجيش الأردني سوى 20 شهيدا.قاد القوات الأردنية في تلك المعركة الضابط نواف جبر الحمود قال رئيس الوزراء الكيان الصهيوني ومؤسس الكيان الإسرائيلي ديفيد بنغوريون في حزيران عام 1949 امام الكنيست: "لقد خسرانا في معركة باب الواد وحدها امام الجيش الأردني ضعفي قتلانا في الحرب كاملة" .
[10] : هو عبد القادر موسى كاظم الحسيني، ولد في استانبول في 8/4/1908م، توفيت والدته بعد مولده بعام ونصف فكفلته جدته لأمه، وما لبثت هي الأخرى أن فارقت الحياة ، فنشأ في كنف والده.
والده شيخ المجاهدين في فلسطين موسى كاظم الحسيني، شغل بعض المناصب العالية في الدولة العثمانية متنقلاً في عمله بين أرجاء الدولة العثمانية، فعمل في اليمن والعراق ونجد واستانبول ذاتها بالإضافة إلى فلسطين.
استشهد عبد القادر صبيحة 8/4/1948 في القسطل، حيث وجدت جثته قرب بيت من بيوت القرية فنقل في اليوم التالي إلى القدس، ودفن بجانب ضريح والده في باب الحديد... وسمي بطل القسطل، وقد استشهد رحمه الله وهو في الأربعين من عمره، أي في أوج عطائه الجهادي.


المصدر : من كتاب :
قرية عمواس وحكاية قرى اللطرون المدمرة للأستاذ مصطفى دعمس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق